يقول خوات بن جبير ـ رضي الله عنه ـ كما روى ذلك عنه ذلك الحافظ بن حجر في ( الإصابة ) : كنتُ رجلاً شاعراً في الجاهلية ، وكنت أتغزل في شعري بالنساء ، وأسامرهم به ثم من الله سبحانه وتعالى علي بالإسلام ، وكنت في المدينة مع رسول الله ، فخرجنا معه في سفر من أسفاره ـ وأنا حديث عهد بالإسلام ـ فلما دنا الليل نادى فذهبت لبعض حاجتي بعيداً عن المعسكر ، فرأيت عدداً من النساء جالسات يتسامرن على ضوء القمر ، فعاد إلى نفسي ما كنت أصنعه قبل إسلامي فعرضت عليهن أن أسمعهن شعراً وأسامرهن فرحبن بذلك ـ ولم يكن من نساء المعسكر ـ وإنما هن من أهل ذلك المكان الذي وقفوا للمبيت فيه، قال : فبينما أنا كذلك ، رأيت على ضوء القمر خيالاً قادماً من تلك الجهة ، فإذا به رسول الله ـ وكان من عادته إذا أراد الخلاء أن يبتعد ، فلما رأيته اضطربت ونهضت من مكاني فرآني ، فناداني وسألني عن سبب وجودي في ذلك المكان ، فقلت له : بعير لي شرد فأنا أسأل ـ هؤلاء النسوة عنه ، فابتسم لي صلى الله عليه وسلم ، وانصرفنا إلى المعسكر وبي من الهم والحياء ما لا قبل لي بوصفه ، قال خوات : فوالله ما رآني رسول الله في سفرنا ذلك حتى رجعنا إلى المدينة إلا وسألني مبتسماً : أبا عبد الله ما فعل شراد بعيرك ؟ حتى صرت أتحاشى أن أقابل رسول الله عليه الصلاة والسلام هرباً من سؤاله ، وكنت أترقب خروجه من المسجد لأدخل إليه ، فجئت يوماً إلى المسجد وليس فيه رسول الله فكبرت للصلاة فما بدأت قراءة الفاتحة حتى دخل الرسول من إحدى حجره إلى المسجد فقلت في نفسي لأطيلن صلاتي حتى يخرج خشية سؤاله ، فصلى عليه الصلاة والسلام ركعتين خفيفتين وجلس فلما رآني أطلت الصلاة قال : أبا عبد الله أطل ما شئت فإني جالس ـ أو كما قال عليه السلام ـ قال : فأكملت صلاتي وأقبلت عليه بوجهي فقال له : مبتسماً : أبا عبد الله ، ما فعل شراد بعيرك ؟ فقلت له : فوالذي بعثك بالحق ما شرد بعيري منذ أن آمنت بما جئت يه يا رسول الله ، قال : فابتسم ودعا لي بخير
قصه رائعه ومضحكه للرسول خوات بن جبير ـ رضي الله عنه